الاثنين، 13 مايو 2019

تركيا والاندلس Turkey and Andalusia

تاريخ الاندلس واحداثه والمأساه التى واجهها المسلمين وانظفاء حضارتهم فى الاندلس وغياب الاسلام عتها وانقضاض الجيوش المسيحية على الاندلس وتقل المسلمين بها واعلان محاكم التفتيش للقضاء على البقية الباقية من المسلمين يجعلنا نتجه بأعين من الحذر والخوف على تركيا لانه هذه البقعة من الارض التى تقع تحت حكم المسلمين مازالت طمع الدول الاوربية لانهاء الحكم الاسلامى فيها وردها الى سيرتها الاولى فأذا لقدر الله وحدث لتركيا موطن الخلافة العثمانية ما حدث للاندلس فهذا لن يكون اخر ما تريده الدول المسيحية الكاثوليكية من الاسلام والمسلمين بل ستكون البداية لذبح الاسلام والمسلمين فى العالم العربى والاسلامى .. فتركيا تعتبر هى معقل او اخر معاقل الاسلام فى اوروبا وبوابة الغرب ليضع يديه على باقى المنطقة العربية الاسلامية .. فمن هم يقفون ضد تركيا وتقدمها ونهضتها من داخل المنطقة العربية فهم فى الاول والاخر يقدمون كل السبل لاضعاف هذه الدولة المسلمة التى تتواجد فى اهم بقعة من اوروبا وهى بمثابة البوابة الرئيسية للغرب لازاحة الاسلام من الفارة الاوربية .. فأذا ضعفت تركيا وانهارت امام الزحف العسكرى والثقافى الغربى ستكون هذه هى الطامة الكبرى بعد انهيار الاندلس وزوالها فعلى كل مسلم ان يدرك حقيقة واهمية تواجد ووجود تركيا كدولة مسلمة سنية تخدم الاسلام والمسلمين وتعتبر مركز اشعاع اسلامى فى الغرب الاوربى .. فنحن فى احتياج الى اعلام قوى يعمل على فضح الاصوات من داخل العالم العربى الذى ينادى بمحاربة تركيا وايران .. نحن كمسلمين يهمنا الان ان نزيد الوعى لدى المسلمين ونعمل على اسكات الاصوات التى تهاجم تركيا وتريد لها السكوت فى براثن المسيحية الكاثوليكية الغربية لانها سوف تأتى على كل ما هو مسلم على ارض العرب والاسلام
The history of Andalusia, its events and the tragedies faced by the Muslims, the disappearance of their civilization in Andalusia, the absence of Islam, the aggression of the Christian armies on Andalusia, the decline of Muslims and the proclamation of the Inquisition to eliminate the rest of the Muslims make us cautiously and fearfully against Turkey because this spot of land under Muslim rule is still The greed of the European countries to end the Islamic rule and return to its first, if the power of God happened to Turkey, the home of the Ottoman Caliphate, what happened to Andalusia, this will not be what the last Christian Catholic countries of Islam and Muslims, but will be the beginning of slaughter Islam and Muslims in the Arab and Islamic world .. Turkey is considered the stronghold or the last strongholds of Islam in Europe and the gate of the West to put his hands on the rest of the Arab Islamic region .. Those who stand against Turkey and its progress and rise from within the Arab region are in the first and the other offer all ways to weaken this country Which is located in the most important spot of Europe and serves as the main gateway to the West to remove Islam from the European gate .. If Turkey weakened and collapsed in front of the military and cultural west will be this the great disaster after the collapse of Andalusia and the disappearance of each Muslim must realize the reality and importance of the presence and existence of As a Sunni Muslim country that serves Islam and Muslims and is considered an Islamic Radical Center in the Western Europe. We need the media of forces to expose voices from within the Arab world, which is called to fight Turkey and Iran. We as Muslims are now interested in raising the awareness of Muslims and working to silence the voices. Which attacks Turkey and wants it to remain silent in the clutches of Western Catholic Christianity because it will come to everything that is Muslim in the land of the Arabs and Islam



الجمعة، 10 مايو 2019

Egypt after the January Revolution

All the events that Egypt has experienced since the revolution of January 2011 until today, May 7, 2019, and the events that will follow in the years to come, show exactly what Egypt was living through the cultural breakthrough and brainwashing through the media to change the belonging of this people to all its fateful issues and guide the people to only one thing The search for a living and shelter to sleep in and make it feel that this situation is the top of stability. The situation of the Egyptian people has become morally and materially scorched by objects that can not be replicated in the most backward societies. It was not only the penetration of the Egyptian citizen but the penetration of certain institutions of the state, especially the sovereign institutions, and evidence of this change in the thinking of these institutions towards the enemy The first and the only major of the Arab and Islamic world alike. This is what the Egyptian people have become of the division and disintegration of prisoners and the weakness of society in addition to the high incidence of poverty and unemployment. The political situation in Egypt has become a crisis situation where all forms of human rights have disappeared and no one can speak on the right of political rights and the opinion has become one and the trend is one, no discussion and no participation in political life. The economic situation has worsened and prices have increased. Suffers from the economic policy, which has no vision and no planning and increased debt internal and external debt .. It is only up to us to raise our appeal to God and we seek it.

مصر بعد ثورة يناير

كل الاحداث التى مرت بها مصر منذ ثورة يناير 2011 وحتى اليوم 7 مايو 2019 وما ستمر به من احداث  فى السنين القادمة تظهر تماما ما كانت مصر تعيش فيه من اختراق ثقافى وغسيل مخ عبر وسائل الاعلام لتغير انتماء هذا الشعب لكل قضاياه المصيرية  وتوجيه الشعب فقط لشىء واحد الا وهو البحث عن لقمة العيش ومأوى ينام فيه وجعله يشعر بان هذا الوضع هو قمة الاستقرار . لقد اصبح حال الشعب المصرى بعد تجريفه اخلاقيا وماديا شبه بكائنات لا تجد تكرارها فى اكثر المجتمعات تخلفا .. ولم يكن الاتراق فقط للمواطن المصرى بل اصبح الاختراق بشكل اكيد لكل مؤسسات الدولة خاصة المؤسسات السيادية والدليل على ذلك ما حدث من تغير فى فكر هذه المؤسسات تجاه العدو الاول والاوحد  الرئيسى للعالم العربى والاسلامى على حد سواء  . هذا ما اصبح عليه الشعب المصرى من انقسام وتفكك اسرى وضعف مجتمعى بالاضافة الى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة .. م. لقد اصبح الوضع السياسى فى مصر وضع متأزم اختفت فيه كل صور حقوق الانسان ولا يستطيع احد كان من كان ان يتكلم فى على حق من الحقوق السياسية واصبح الراى واحد والاتجاه واحد لا نقاش ولا مشاركة فى الحياة السياسية .. زاد الوضع الاقتصادى سوأ وارتفعت الاسعار واصبح المواطن يعانى من جراء السياسة الاقتصادية التى لا رؤيا لها ولا تخطيط وزادت الديون الدين الداخلى والخارجى .. فليس امامنا الا ان نرفع دعائنا الى الله ونستغيث به .

الثلاثاء، 3 يوليو 2012

الاسلام والارهاب

الى متى سيظل الاسلام متهما بالارهاب ؟ والى متى سيظل الاسلام مرادفا لهذه الكلمة ؟ وعندما تكون مسلما هذا يعنى انك ارهابيا .. لقد ضاقت بنا السبل لاقناع الغير بان الاسلام دين وعقيدة الرحمة والسلام . وان  الاسلام ينبذ العنف والقتل واراقة الدماء وهو دين يدعوا الى الحوار والمنطق والعقل ..... لكن هناك خوف شديد لدى دول العالم الغربى من انتشار الاسلام بين شعوب العالم لذلك تحاول بعض او كل المؤسسات الدولية للتخويف والترهيب من انتشار الاسلام وتعمل على تشويه صورته امام شعوب العالم وتتهم المسلمين بالتخلف والرجعية والهمجية والفوضى وتعمل على محاربة كل مظاهر الاسلام ومؤشراته... ودائما ما تتخذ من افعال بعض المسلمين الناتجة عن جهلهم بدينهم وعقيدتهم زريعة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين .. واحقاقا للحق ان الكثير من المسلمين فى شتى الدول الاسلامية يعانون الجهل بابسط مبادىء دينهم وعقيدتهم ودائما ما تكون سلوكياتهم وتصرفاتهم بجهل منهم ضد الاسلام وضد المسلمين عامة  وعار على الاسلام... لقد انتشرت الخرافات والافكار البالية بين ابناء المسلمين وذلك نتيجة اتباع سياسات التجهيل والتفقير ونشر الفساد بين من هم قائمون على حكم المسلمين وبذلك يصبح المسلم على غير علم بمبادىء دينه وتعاليمه ويكون غير قادر على التفكير الا فى كيف يقتات قوت يومه ويلهث وراء كل ما هو بعيد عن الدين والعقيدة .... ويستخدمون شعارات الحرية وحرية المرأة ويغرسونها فى عقل وفكر المسلم حتى يجعلوا منه عايا ومتمردا على كل ما هو مسلم ويمت الى الاسلام وتصبح المرأة مثل نسائهم عارية وسلعة يتم عرضها فى بتارين محلات الدعارة . فالى اين نحن ذاهبون ايها المسلمون الا يحق لنا ان ننتفض ونثور لاخلاقنا ومبادئنا وافكارنا السوية التى نتعلمها وتعلمناها من اسلامنا وعقيدتنا .. فهل ان الاوان ليصبح الاسلام واضحا جليا فى صورته الحقيقية السمحة التى لا تعلوها حقيقة ولا دين ... اليس على عاتقنا نحن المسلمين مسئولية اعلاء حقيقة الاسلام وسماحته .. فالى كل مسلم غيور على دينه ان يعمل على تصحيح صورة الاسلام واعلاء شأنه .

الأربعاء، 31 أغسطس 2011


الحقيقة التى يتجاهلها اليهود عن انفسهم وعن كتابهم التوراة والتلمود
الغدر والخيانة و الانحلال الخلقي
عن المركز الفلسطينى للاعلام
ثانياً : الانحلال الخلقي
في الأسفار التوراتية نقرأ الكثير من التصرفات والأفعال التي تُعبرُّ عن الانحلال الخلقي والرذيلة، فنجد من يقدّم امرأته لغيره خدمةً لمصالحه، ومن يضطجع مع امرأة أبيه أو أخته أو كنّته إلخ...‏
في سفر التكوين نجدُ أنّ إبراهيم تخلّى عن امرأته (سارة) لصالح فرعون مصر لكي يثرى ويكون له خيرٌ بسببها: "فانحدر أبرام إلى مصر ليتغّربّ هناك لأنّ الجوع في الأرض كان شديداً وحدث لمّا قرب أن يدخل مصر أنّه قال لساراي امرأته إنّي قد علمتُ أنك حسنة المنظر. فيكون إذ رآك المصريون أنّهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك. قولي إنك أُختي ليكون لي خيرٌ بسببك وتحيا نفسي من أجلكِ."(51) .
"فحدث لمّا دخل أبرام إلى مصر أنّ المصريين رأوا المرأة أنّها حسنة جداً ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون. فصنع إلى أبرام خيراً بسببها وصار له غنمٌ وبقرٌ وحميرٌ وعبيدٌ وإماء وأُتنٌ وجمالٌ ."(52) .
فرعون لم يكن ليدري أنّ سارة امرأة لإبراهيم. فقد ادّعت أنّها أخته وإبراهيم أكدّ هذا الأمر لرؤساء فرعون ... لكنّ فرعون عندما علم بالأمر بعد فترة من الزمن استهجنه تماماً وانزعج من إبراهيم حتى الدرجة التي طرده فيها من مصر بعد أن أعاد له زوجته.فالمصريون لم يعتادوا على مثل هذا السلوك. فنقرأ: "فدعا فرعون أبرام وقال ما هذا الذي صنعتَ بي لماذا لم تخبرنيِ أنّها امرأتك. لماذا قلتَ هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي. والآن هوذا امرأتك. خذها واذهبْ.".(53)
وكاتب سفر التكوين يروي ويسجلّ حادثة ابنتي لوط كيف احتالتا على أبيهما واضطجعتا معه وحبلتا منه:"وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكرُ للصغيرة. أبونا قد شاخَ وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كلّ الأرض. هلمّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكرُ واضطجعت مع أبيها ولم يعلمْ باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أنّ البكر قالتْ للصغيرة إنّي قد اضطجعت البارحة مع أبي. نسقيه خمراً الليّلة أيضاً فادْخلي اضطجعي معه. فنحيي من أبينا نسلا. فسقيا أباهما خمراً في تلك اللّيلة أيضاً. وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها فحبلت ابنتا لوطٍ من أبيهما. فولدت البكرُ ابناً ودعتِ اسمه موآب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم. والصغيرة أيضاً ولدتِ ابناً ودعت اسمه بنْ عمّي. وهو أبو بني عمّون إلى اليوم.".(54)
ويتابع كاتب السّفر سرد الحوادث الّلا أخلاقية، ويحدثنا عن إبراهيم وسارة مرّة ثانية بعد أن طرد من مصر واتجه إلى كنعان فيروي: "وانتقل إبراهيم من هناك إلى أرض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرّب في جرار وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أختي فأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة.".(55)
لقد كررّ إبراهيم حادثة مصر نفسها. فقال عن امرأته سارة إنّها أخته فطلبها ملك جرار لتكون زوجة له، وإبراهيم وافق على الطلب، ولولا تدخل الإله يَهْوه في آخر لحظة لاضطجع معها ملك جرار أبيمالك حسب ما يروي كاتب السفر فنقرأ: "فجاء اللّه إلىأبيمالك في حلم الليل وقال له ها أنتَ ميتٌ من أجل المرأة التي أخذتها فإنّها متزوجة ببعل. ولكن أبيمالك لم يكن قد اقترب إليها فقال يا سيّد أأمّةً بارّة تقتلُ. ألم يقل هو لي إنّها أختي. وهي أيضاً نفسها قالت هو أخي، بسلامة قلبي ونقاوة يديّ فعلتُ هذا.".(56)
وورث إسحق عن أبيه إبراهيم سلوكه، واتبع الأسلوب نفسه في تقديم امرأته للآخرين. حيث يحدّثنا كاتب سفر التكوين أنّ إسحق تغرّبَ في منطقة جرار وكان ملكها أبيمالك أيضاً. ففعل إسحق كما فعل أبيه قبلاً، قال عن امرأته (رفقة) إنّها أخته: "فأقام إسحق في جرار . وسأله أهل المكان عن امرأته فقال هي أختي" (57)
وحدث إذ طالت له الأيام هناك أنّ أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكوّة ونظر وإذا إسحقُ يلاعبُ رفقة امرأته. فدعا أبيمالك إسحق وقال إنّما هي امرأتك فكيف قلتَ هي أُختي. فقال له إسحق لأنّي قلتُ لعلّي أموت بسببها. فقال أبيمالك ما هذا الذي صنعتبنا. لولا قليلٌ لاضطجع أحدُ الشّعب مع امرأتك فجلبْت علينا ذنباً.".(58)
مثل هذا السلوك لم يألفْه الكنعانيون . إنّه انحطاطٌ في القيم الأخلاقية. ويعتبره الكنعانيون ذنباً وعاراً فهم يخافون اللّه، ومن هذا المبدأ كان موقف أبيمالك من إبراهيم ومن ابنه إسحق. ومن هذا السلوك عموماً.‏
ونقرأ في سفر التكوين أيضاً أنّ روبين ابن يعقوب وهو بكره، استغلّ غياب والده ودخل على امرأته بلْهةَ وكان لها ولدان دان ونفتالي واضطجع معها: "وحدثَ إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أنّ رأوبين ذهب واضطجع مع بلْهَة سرّية أبيه".(59)
كما يحدّثنا أنّ تامار (كنّة يهوذا) ابن يعقوب الرابع زنت مع حميها يهوذا وحبلت منه وولدت ولدين أسمت الأوّل (فارص) والثاني (زارح) فنقرأ: "وأخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها تامار. وكان عيرٌ بكرُ يهوذا شريراً في عينيّ الرّب فأماته الرّب. فقال يهوذالأونان ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها وأقمْ نسلاً لأخيكَ. فعلم أونان أنّ النّسل لن يكون له فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنّه أفسد على الأرض لكي لا يعطي نسلاً لأخيه فقُبحَ في عيني الرّبّ ما فعله فأماته أيضاً. فقال يهوذا لتامار كنّته أقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبُر شيلةُ ابني. لأنّه قال لعلّه يموت هو أيضاً كأخويه. فمضت تامار وقعدت في بيت أبيها.".(60)
ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا. ثم تعزّى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلاّمّي. فأخبرت تامار وقيل لها هوذا حموك صاعد إلى تمنه ليجّز غنمه. فخلعت عنها ثياب ترمّلها وتغطّت ببرقعٍ وتلففت وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة لأنّها رأت أنّ شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجةً. فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنّها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال هاكي أدخل عليك. لأنّه لم يعلم أنّها كنتّه، فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل عليّ. فقال إني أُرسل جدي معزى من الغنم. فقالت هل تعطيني رهناً حتى ترسله. فقال ما الرّهن الذي أُعطيك. فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها. فحبلت منه ثم قامتْ ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترمُلّها."(61) .
"وفي وقت ولادتها إذ في بطنها توأمان. وكانت في ولادتها أنّ أحدهما أخرج يداً فأخذت القابلة وربطت على يده قرمزاً قائلة هذا خرج أولاً ولكن حين ردّ يده إذ أخوه قد خرج . فقالت لماذا اقتحمت. عليك اقتحام فدعي اسمه فارصَ. وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القُرمز فدعى اسمه زارحَ."(62) .
ونقرأ في سفر القضاة حوادث بشعة تعبّر عن الانحلال الخلقي منها أنّ رجلاً لاوّياً متغرباً في عقاب جبل أفرايم. اتخذ له امرأة سرّية من بيت لحم يهوذا فزنت عليه هذه المرأة، وتركته ثم ذهبت إلى بيت أبيها، ومع هذا جاء زوجها وراءها ليطيب قلبها ويردها معه..(63)
عادت المرأة معه، وجاء إلى مقابل يبوس (أورشليم) وكان معه حماران مشدودان ، والغلام، أي غلامه. فانحدر النهار وبدأت الشمس تغيب فقال الغلام لسيّده: "تعال نميلُ إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيتُ فيها. فقال له سيّده لا نميل إلى مدينة غريبةٍ حيث ليس أحدٌ من بني إسرائيل هنا. نعبر إلى جبعةَ. وقال لغلامه تعال نتقدم إلى أحد الأماكن ونبيتُ في جبعةَ أو في الرّامة. فعبروا وذهبوا وغابت لهُمُ الشمس عند جبعة التي لبنيامين. فمالوا إلى هناك لكي يدخلوا ويبيتوا في جبعة. فدخل وجلس في ساحة المدينة ولم يضمهم أحدٌ إلى بيته للمبيت. وإذا برجل شيخ جاء من شغله من الحقل عند المساء والرجل من جبل أفرايم وهو غريب في جبعة ورجال المكان بنيامينيون. فرفع عينيه ورأى الرجل المسافر في ساحة المدينة فقال الرّجل الشيخ إلى أين تذهب ومن أين أتيت؟ فقال له نحن عابرون من بيت لحم يهوذا إلى عقاب جبل أفرايم. أنا من هناك وقد ذهبت إلى بيت لحم يهوذا وأنا ذاهبٌ إلى بيت الرّب وليس أحدٌ يضمّني إلى البيت. وأيضاً عندنا تبنٌ وعلفٌ لحميرنا وأيضاً خبزٌ وخمرٌ لي ولأمتكَ وللغلام الذي مع عبيدك ليس احتياج إلى شيء. فقال الرّجل الشيخ السّلام لك إنّما كلّ احتياجك عليّ ولكن لا تبتْ في الساحة. وجاء به إلى بيته. وعَلَفَ حميرهم. فغسلوا أرجلهم وأكلوا وشربوا."(64) .
"وفيما هم يطيّبون قُلوبهمُ إذا برجال المدينة رجال بني بلّيعال أحاطوا بالبيت قارعين الباب وكلمّوا الرجلَ صاحب البيت الشّيخ قائلين أخرج الرجلَ الذي دخل بيتك فنعرفهُ. فخرج إليهم الرجلُ صاحب البيت وقال لهم لا يا إخوتي لا تفعلوا شراً. بعدما دخل هذا الرّجل بيتي. لا تفعلوا هذه القباحة. هو ذا ابنتي العذراء وسرّيته دعوني أُخرجهما فأذلُّوهما وافعلوا بهما ما يحسن في أَعينكم وأمّاهذا الرجل فلا تعملوا به هذا الأمر القبيح. فلمْ يرد الرّجال أن يسمعوا له. فأمسك الرجلُ سرّيته وأخرجها إليهم خارجاً فعرفوها وتعلّلوا بها الّليل كلّه إلى الصباح. وعند طلوع الفجر أطلقوها. فجاءت المرأة عند إقبال الصباح وسقطت عند باب بيت الرجل حيث سيدها هناك إلى الضوء فقام سيدها في الصباح وفتح أبواب البيت وخرج للذهاب في طريقه وإذا بالمرأة سرّيته ساقطة على باب البيت ويداها على العتبة. فقال لها قومي نذهب. فلم يكن مجيبٌ. فأخذها على الحمار وقام الرّجل وذهب إلى مكانه. ودخل بيتهُ وأخذ السّكين وأمسك سرّيته وقطعها مع عظامها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها إلى جميع تخوم إسرائيل"(65)
إنّه انحطاط كبيرٌ في القيم الأخلاقية، جريمة بشعة جداً، وسلوكٌ شائنٌ ومرعب جداً قام به اليهود ببساطة.. ويقرأ عنه أطفالهم اليوم بافتخارٍ ويقتدون به. ويستحضرونه في سلوكهم اليومي الديني والمدني.‏

في سفر صموئيل الأول حوادث تتعلق ببني إسرائيل تفوح منها رائحة الانحلال الخلقي والقباحة واللاإنسانية فنقرأ عن سلوك كلّ من شاول وداود أثناء الصراع بينهما على السلطة وكيف كان كلّ طرف يسعى لدفع الآخر عنه بطرق وأساليب غير مشروعة محورها عموماً المرأة والغدر.‏
إنّ شاول لكي يتخلص من داود قرّر أن يزوجه ابنته الكبرى مَيْرَب علماً أنّها كانت قد تزوجت من رجلٍ يدعى عدرئيل المحوليّ. لم يكن ليهتم بمسألة الأخلاق. ابنته متزوجة وهو يريد أن يطلقها من زوجها ليعطيها لرجل آخر نظراً لأنّ مصلحته تقتضي ذلك..(66) .
داود كان يميلُ إلى ميكال الفتاة الأصغر للملك شاول.. وهي كانت تميلُ إليه. وقد وافق شاول أن يزوجها لداود، ليس لأنّه يريد أن يكون داود صهره ويُسعدُ ابنته، بل من أجل أن تكون شركاً له ويقتله الفلسطينّيون حيث نقرأ: "وميكالُ ابنة شاول أَحبّتْ داودفأخبروا شاول فحسُن الأمر في عينيه . وقال شاول أُعطيه إيّاها فتكون له شركاً وتكون يدُ الفلسطينيين عليه"(67) .
لقد طلب شاول مهر ابنته ميكال مائة غُلفةٍ من الفلسطينيين كما يرد في سفر صموئيل الأولّ: "فقال شارل هكذا تقولون لداود. ليستْ مسّرة الملك بالمهر بلْ بمائة غُلفةٍ من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك وكان شاول يفكّرُ أن يوقعَ داود بيد الفلسطينيين."(68) .
ولمّا اشتدّ الصراع بين الطرفين وهرب داود من وجه شاول قام شاول باحتجاز ميكال ابنته ومنعها من الذهاب مع داود. وزوجها لرجل يُدعى فلطئيل بن لايش بقيت عنده حتى وفاة والدها شاول فاستردّها داود ثانية وبطريقة سلبية كما يردُ في السفر حيث نقرأ:"فأرسل أَبنير من فوره رُسلاً إلى داود قائلاً لمنْ هي الأرض. يقولون اقطعْ عهدك معي وهوذا يدي معكَ لردّ جميع إسرائيل إليك. فقال حسناً أنا أقطع معك عهداً إلاّ أنّي أطلبُ منك أمراً واحداً وهو أن لا ترى وجهي ما لم تأتِ أولاً بميكال بنت شاولَ حين تأتي لترى وجهي. ,أرسل داود رسلاً إلى إيشبوشث بن شاول يقول أعطني امرأتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمائة غُلفةٍ من الفلسطينيين فأرسل إيشبوشث وأخذها من عند رجُلها من فلطئيل بن لايش. وكان رجلها يسيرُ معها ويبكي وراءها إلى بحوريم. فقال له أبنيرُاذهب. ارجعْ. فرجع."(69)
ويحدثنا كاتب سفر صموئيل الثاني أنّ الملك شاول توفي، فقام قائده أبنير بن نير بمصاحبة امرأته رصفة بنت أَية وقد علم ابن شاول إيشبوشث بالأمر فاستنكر قائلاً لأبنير "لماذا دخلت إلى سرّية أبي. فاغتاظ أبنير جداً من كلام إيشبوشث وقال ألعّلي رأس كلب ليهوذا. اليوم أصنع معروفاً مع بيت شاول أبيك مع إخوته ومع أصحابه ولم أسّلْمك ليد داود وتطالبني اليوم بإثم امرأةٍ."(70)
ثم نقرأ في نفس السفر عن داود وقائده أوريّا الحثّي، وسلوكه اتجاه امرأة أوريّا الحثّي. وكيف دبّر اغتياله ليسلبه امرأته: "وكان في وقت المساء أنّ داود قام عنْ سريره وتمشّى على سطح بيت الملك فرأى من على السّطح امرأةً تستّحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جداً. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحدٌ أليستْ هذه بتشبع بنت أليعامَ امرأة أوريّا الحثّي. فأرسل داود رسُلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرةٌ من طمثها ثمّ رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأةُ"(71)
عندما علم داود بالأمر . أرسل وراء زوجها لكي ينام معها وتختفي القضّية، لكن أوريّا الحثّي بما كان يحمله من شعور بالمسؤولية والقيم الأخلاقية والالتزام قرّر أن ينام مع حرّاس داود بدلاً من أنْ يذهب إلى بيته لينام مع امرأته علماً أنّه تلّقى أمراً من داود بالذهاب إلى بيته. فنقرأ قوله لداود: "إنّ التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيدُ سيّدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي. وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر."(72)
إنّه موقفٌ نبيل من أوريّا الحثّي.. فهو لم يكن يهودياً. إنّه من بني حث ولهذا اتصف بالمروءة والشجاعة وعفّة النفس. والوفاء للقضية التي يعمل من أجلها.. ولم يكن ليدري أنّ داود خدعه وأساءَ إليه ولامرأته.‏ ولكنَّ داود قابل هذا الموقف النبيل بالشرّ. من أجل نزوة عابرة، فأمر باغتيال أوريّا الحثّي القائد الشجاع وتصفيته . وتحقّق له الأمر وضمّ امرأته بتشبع بنت أليعام إلى بيته وصارتْ له امرأة."(73)
نبقى في سفر صموئيل الثاني وحوادث لا أخلاقية أخرى فنقرأ عن أمنون بن داود كيف احتال على أخته تامار وضاجعها وطردها بعد ذلك بقسوةٍ ووقاحة.. "كان لأبشالوم بن داود أُختٌ جميلة اسمها تامار فأحبها أمنونُ بن داود. وأُحصر أمنون للسّقْم من أجل تامار أُخته لأنّها كانت عذراء وعَسُر في عينّي أَمنُون أن يفعل لها شيئاً. وكان لأمنون صاحب اسمه يوناداب بنُ شمعي أخي داود. وكان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. فقال له لماذا يا ابن الملك أنتَ ضعيفٌ هكذا من صباح إلى صباح. أما تُخبرني. فقال له أمنُونُ إنّي أُحبُ تامار أُختَ أبشالومَ أخي. فقال يوناداب اضطجع على سريرك وتمارضْ وإذا جاء أبوك ليراك فقل له دع تامار أُختي فتأتي و تطعمني خبزاً وتعملْ أمامي الطّعام لأرى فآكل من يدها. فاضطجع أمنُونُ وتمارض. فجاء الملك ليراه فقال أمنُونُ للملك دع تامار أُختي فتأتي وتصنع أمامي كعكتين فآكل من يدها. فأرسل داود تامار إلى البيت قائلاً اذهبي إلى بيت أمنون أَخيك واعملي له طعاماً. فذهبتْ تامارُ إلى بيت أمنُون أخيها وهو مضطجع وأخذت العجين وعجنت وعملتْ كعكاً أمامه وخبزتِ الكعك وأخذت المقلاة وسكبتْ أمامه فأبى أن يأكل. وقال أمنُون أخرجوا كلّ إنسان عنّي فخرج كلّ إنسان عنه. ثم قال أمنُون لتامار إيتي بالطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأخذت تامار الكعك الذي عملتُه وأتت به أمنُونَ أخاها إلى المخدع. وقدمّت له ليأكل فأمسكها . وقال لها تعالي اضطجعي معي يا أختي. فقالتْ له لا يا أخي لا تذُلّني . لأنّه لا يفعلُ هكذا في إسرائيل لا تعملْ هذه القباحة. أمّا أنا فأين أذهبُ بعاري وأمّا أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل. والآن كلّم الملك لأنّه لا يمنعني منكَ. فلم يشأ أن يسمع لصوتها بلْ تمكّن منها وقهرها واضطجع معها. ثمّ أبغضها أمنُونُ بغضة شديدة جداً حتى إنّ البغضة التي أبغضها إياها كانت أشد من المحبّةالتي أحبّها إيّاها. وقال لها أمنُونُ قومي انطلقي."(74)
لقد كان أمنون من السّفهاء حقّاً، والسفيه الأكبر كان عمّه يوناداب الرجل الحكيم الذي قال عنه كاتب السّفر أنّه رجلٌ حكيم جداً. هذا الرجل الحكيم الذي أشار على أمنون أن يفعل هذه القباحة ضارباً عرض الحائط كل القيم الأخلاقية الحميدة.‏
ونقرأ عن سفيه آخر لا يقلُّ سفاهةً عن أمنون ويوناداب ، إنّه (أبشالوم) شقيق أمنون وتامار. فهو لم يكتفِ أن غدرَ بأخيه أمنون وقتله، وتمرّد على أبيه داود، بل وصلت السّفاهة عنده إلى مضاجعة نساء أبيه وكان عددهنَّ عشر نساء. وذلك خلال الصراع الذي نشب بينه وبين أبيه داود على السّلطة. واضّطر داود للهرب من وجه ابنه، فأشار على أبشالوم أحد الكهنة المناصرين له وكان يدعى (أخيثوفل): "ادخل إلى سراري أبيكَ اللواتي تركهنّ لحفظ البيت فيسمع كلّ إسرائيل أنّك قد صرتَ مكروهاً من أبيك فتتشدّد أيدي الذين معك. فنصبوا لأبشالوم الخيمة على السّطح ودخل أبشالوم إلى سراري أبيه أمام جميع إسرائيل.".(75)


الحقيقة التى يتجاهلها اليهود عن انفسهم وعن كتابهم التوراة والتلمود
الغدر والخيانة و الانحلال الخلقي

عن المركز الفلسطينى للاعلام
أولاً: الغدر والخيانة
من المهم والمفيد أن نتعرّف على سلوكية اليهود من خلال سيرتهم كما وردت في النصوص التوراتية. فهم يعتبرون أنّهم الشعب المختار المقدّس الذي اختصه يَهْوه لنفسه ليكون شعبه الخّاص ويكون هو إلههم.‏
مثلُ هذه النظرة الضيّقة لا بدّ وأن يكون لها مرتكزات أساسية يستندون إليها في استعلائهم ونظرتهم الفوقية، تدفع بالأمم الأخرى أن تقتدي بسلوكيتهم وفكرهم الديني والمدني ويكونون قدوة الأمم. كالقيم الأخلاقية مثلاً والنظرة الإنسانية، والسعي للتفاعل والتآخي والانسجام. والانفتاح نحو آفاق الحقّ والتسامح والحرية والعدالة والمساواة.‏ القدوة ينبغي أن يتحلّى دائماً بمواصفات إيجابية متميزة تؤهله أن يترفّع ويستعلي، مع الإشارة إلى أن القدوة دائماً يملكُ ذهنية منفتحة وروحاً متسامحة ونفساً سامية تدعو إلى التعاون والتسامح والإخاء.‏
كيف يمكن أن نوافق على أنّ اليهود هم الزّرع المقدّس والشعب المختار الذي اختّصه ربّ الجنود ليكون شعبه الخاص معتبراً أنّه الشعب الوحيد الذي يحقّ له الترّفع والاستعلاء وعلى كافة الشعوب أن تعمل لخدمته وأن تستعبد له حتى لو استدعى ذلك إبادتها..‏
لقد تناولتُ في الفصل الأول والثاني ما يتعلّق بالنزعتين العدوانية والعنصرية التي تشدّد عليهما النصوص التوراتية على أنّها خلاصة الدين اليهودي وجوهره، وقد بينّت مستنداً إلى هذه النصوص مدى انغلاقهم وتعصّبهم وعدوانيتهم وعنصريتهم، وفي هذا الفصل أعرض ومستنداً أيضاً إلى النصوص التوراتية ما تحمله هذه النصوص من إشارات وأحداث عن الغدر والخيانة والانحلال الخلقي لشعب اللّه المختار المقدّس. إنّها سلوكية أجداد اليهود اليوم الذين يمثّلون القدوة لهم والمرجعية الرئيسية في مجمل حياتهم الدّينية والمدنية..‏

إنّ حكام الكيان الصهيوني اليوم يستشهدون بسلوكية شمشون وجدعون وداود وأبناء يعقوب على اعتبار أنّهم يمثلّون الأسلاف، وما قاموا به من أفعال وأعمال يسمونه بطولات وأمجاد، ومن الضروري الاقتداء بسلوك هؤلاء الأسلاف ... إنّه استحضار للتاريخ رغم ما يحمله من مساوئ ونزعات يهودية سلبية تمثلّ الانحلال الخلقي ، والغدر والخيانة والعدوان والعنصرية الفاضحة.‏

إنّ من يقرأ الأسفار التوراتية، يخلصُ إلى نتيجة مفادها أنّ الغدر والخيانة والانحلال الخلقي كانت من الثوابت التي سار عليها أسلاف اليهود اليوم، وهذه الثوابت جوهرية في الفكر الديني اليهودي. فقد بنيت اليهودية على مبدأ التوّجس من الأغيار والاستعلاءوالعدوان والعنصرية. وهذه النزعات لا بدّ وأن تطبع الروح اليهودية بصفات الغدر والخيانة والانحلال الخلقي، فاليهودي يحقّ له أن يسرق.. لكن ليس يهودياً مثله، بل أي شخص من الأغيار، وكذلك الأمر بالنسبة للزنى والقتل والغدر والخيانة وغيرها..‏
من هذه الزاوية الضيّقة يتعامل اليهود مع الأغيار، إنّها ثوابت جوهرية من أصول الدين اليهودي المدّون في كتابي التوراة والتلمود والذي يُدّرسُ في مدراس الكيان اليوم وفي المدارس الخاصّة لليهود في أماكن إقاماتهم في دول العالم . وعليه يتربى الأطفال اليهود، لتنمو في عقولهم الباطنة أفكار اللامساواة والعدوان والغدر والتوّجس والاستعلاء والعنصرية.‏ لهذا.. من الضروري أن نلقي الضوء على النصوص التوراتية (الأسفار) ولو بإيجاز، ونتحدّث عن السلوكية اليهودية التي سار عليها الأسلاف اليهود وغدتْ منهجاً رئيساً للأجيال . ونبدأ بفقرة "الغدر والخيانة".‏
نقرأ في سفر التكوين أنّ يعقوب (إسرائيل) وأبناءه سكنوا في منطقة شكيم عند عودتهم من فدان آرام. كان حاكم المنطقة يدعى حَمُور الذي كان يتصّف بالأخلاق الحميدة والروح الإنسانية المنفتحة. وقد أحبّ ابنه شكيم ابنة يعقوب (دنية). وطلبها له والده حَمُور قائلاً:"شكيم ابني قد تعلّقت نفسه بإبنتكم. أعطوه إيّاها زوجة وصاهرونا. تعطونا بناتكم وتأخذون لكم بناتنا وتسكنون معنا وتكون الأرض قدامكم. اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها ..".(1)
".ثم قال شكيم لأبيها وإخوتها. دعوني أجد نعمة في أعينكم. فالذي تقولون لي أعطي. كثروا عليّ جداً مهراً وعطية فأعطي كما تقولون لي وأعطوني الفتاة زوجة"(2)
لقد اعتبر بنو إسرائيل مثل هذه المصاهرة تدنيسا لهم، فشريعتهم ترفض الاختلاط بالشعوب، والمصاهرة اختلاط لن يقبلوا به. ونظراً لأنّهم كانوا غرباء عن المنطقة وعددهم قليل وليس بمقدورهم مجابهة سكان شكيم إن حاولوا الإعتداء عليهم ليمنعوا مثل هذهالمصاهرة. فكان لا بدّ من الغدر والخيانة حتى يتمكّنوا من التخلّص من هذه المصاهرة( الاختلاط) . مستغلّين طيبة وشجاعة حَمُورَ حاكم المنطقة وابنه شكيم.‏
وضع أبناء يعقوب خطة (حيلة) مفادها الموافقة ظاهرياً على هذه المصاهرة شرط أن يقبل حمور وولد شكيم وكل سكان شكيم أن يختتنوا حيث نقرأ:"فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر. قالوا لهما لا نستطيع أن نعطي أختنا لرجلٍ أغلف. إن صرتم مثلنا بختنكم كلّ ذكر نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم"(3)
وافق حمور وولده على هذا الشرط ولم يكونا يعلمان بأنّ هذه عبارة عن خطة ومؤامرة للغدر بهما وبسكان شكيم جميعهم .فنقرأ:"فحسن كلامهم في عيني حَمُور وفي عيني شكيم بن حَمُور. ولم يتأخر الغلام أن يفعل الأمر. لأنه كان مسروراً بابنة يعقوب. كان أكرم جميع بيت أبيه، فأتى حَمُور وشكيم ابنه إلى باب مدينتهما وكلّما أهل مدينتهما قائلين. هؤلاء القوم مسالمون لنا. فليسكنوا في الأرض ويتجرّوا فيها. وهوذا الأرض واسعة الطرفين أمامهم نأخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا، غير أنّه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا شعباَ واحداً بختننا كلّ ذكر كما هم مختونون"(4)
لقد التزم سكان شكيم بالأمر واختتن كل ذكر في المنطقة تأكيدا على حسن نواياهم واحترامهم لبني يعقوب. غير أنّ بني إسرائيل لم تكن نواياهم حسنة تجاه سكان شكيم ولم يكن هذا الشرط إلاّ خدعة ليغدروا بسكان المنطقة جميعهم ويتخلّصوا من المصاهرة.. حيث نقرأ:" فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أنّ ابني يعقوب شمعون ولاوي أخوي دنيه أخذا كلُّ واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمنٍ وقتلا كلَّ ذكر وقتلا حَمُور وشكيم ابنه بحدِّ السيف"(5)
"ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة لأنّهم نجسّوا أختهم. غنمهم وبقرهم وحميرهم وكلّ ما في المدينة وما في الحقل أخذوه وسبوا كلّ ثروتهم وكلّ أطفالهم ونساءهم وكلّ ما في البيوت"(6)
وكان يعقوب نفسه قد غدر بأخيه (عيسو) بعد أن تآمر مع والدته رفقة على ذلك حسب ما يرد في سفر التكوين. حيث خطّطتْ والدته ليأخذ بكورية وبركة أخيه بالحيلة والمكر، ونفّذ يعقوب المخطّط تنفيذاً جيداً ونجح في سلب بكورية وبركة أخيه عيسو مستغلاً وضع والده الصّحي حيث كان قد شاخ وكلّت عيناه عن النظر فلم يعد يرى فنقرأ:"وحدث لما شاخ إسحق وكلّت عيناه عن النظر أنّه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له يا بني فقال له ها أنذا. فقال إنّني قد شختُ ولستُ أعرف يوم وفاتي، فالآن خذْ عدّتك جعبتك وقوسك واخرج إلى البرّية وتصّيد لي صيداً. واصنع لي أطعمة كما أحبُّ وآتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت. كانت رفقة سامعة إذ تكلّم إسحق مع عيسو ابنه فذهب عيسو إلى البرّية كي يصطاد صيداً ليأتي به وأمّا رفقة فكلّمت يعقوب ابنها قائلة إنّي قد سمعت أباك يكلّم أخاك قائلاً أئتني بصيد واصنع لي الأطعمة لآكل وأباركك أمام الرّبّ قبل وفاتي فالآن يا بني اسمع قولي في ما أنا آمرك به. اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جدْيين جيّدين من المعزى فأصنعها أطعمة لأبيك كما يحبُّ فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك الله قبل وفاته".(7)
"فذهب وأخذ وأحضر لأمّه فصنعت أمّه أطعمة كما كان أبوه يحبّ وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبستْ يعقوب ابنها الأصغر. وألبست يديه وملست عنقه جلود جديي المعزى وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها. فدخل إلى أبيه وقال يا أبي فقال ها أنذا. من أنت يا بني فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو بكركَ. قد فعلت كما كلّمتني . قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك . فقال إسحق لابنه ما هذا الذي أسرعتَ لتجد يا بني. فقال إنّ الرّبّ إلهك قد يسّر لي. فقال إسحق ليعقوب تقدّم لأجُسّك يا بني أأنت هو ابني عيسو أم لا فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه. فجسّه وقال الصوت صوتُ يعقوب ولكنّ اليدين يدا عيسو. ولم يعرفه لأنّ يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه فباركه "(8) .
حضر عيسو من صيده وصنع أطعمة لأبيه كما أمره ولم يكن يعلم أنّ يعقوب قد غدر به واحتال على أبيه وسلبه بكوريته وبركته.. فتقدّم إلى أبيه قائلاً:"ليقم أبي ويأكل حتى تباركني نفسك. فقال له إسحق أبوه من أنت فقال أنا ابُنك بكرك عيسو. فارتعد إسحق إرتعاداً عظيماً جداً وقال فمن هو الذي اصطاد صيداً وأتى به إليّ وأكلت من الكلّ قبل أن تجئ وباركتهُ. نعم. ويكون مباركاً. فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخةً عظيمة ومُرَّة جداً. وقال باركني أنا أيضاً يا أبي . فقال قد جاء أخوك بمكر وأخذبركتك . فقال ألا إنّ اسمه دُعي يعقوب .. فقد تعقّبني مرّتين. أخذ بكوريتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي"(9) .
لقد حقد عيسو على أخيه يعقوب لأنّه خدعه ومكر به، وقَرّر قتله فهرب يعقوب إلى حاران عند أخواله كما نصحته والدته رفقة. وأقام هناك وتزوج أربع نسوة أنجب منهن اثني عشر ولداً "(10)
ويبدوا أنّ يعقوب اعتاد على الغدر والخداع، فنقرأ في سفر التكوين أنّه خدع حميه (لابان) وهرب من فدان آرام إلى كنعان بعد أن أخذ كلّ المواشي والمقتنيات.. وقد لاحقه لابان وتمكّن من إدراكه في جبل جلعاد كما يرد في سفر التكوين الإصحاح الواحد والثلاثون: "فأخبر لابان في الثالث بأنّ يعقوب قد هرب فأخذ أخوته معه وسعى وراءه مسيرة سبعة أيام فأدركه في جبل جلعاد"(11)
بدأ لابان بتأنيب يعقوب على فعلته. فقد خدعه ومكر به فاستنكر لابان هذا السلوك قائلاً: لماذا الهرب خفية وخدعتني ولم تخبرني"(12)
كما احتال أولاد يعقوب على أبيهم ليغدروا بأخيهم الصغير يوسف فأخذوه معهم إلى البرّية وتآمروا عليه هناك وغدروا به ورموه في بئر ليموت فيها ويتخّلصوا منه لأنّه كان له حظوة عند أبيه.. فنقرأ:"فلمّا أبصروه من بعيد قبلما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه. فقال بعضهم لبعض هو ذا هذا صاحب الأحلام قادم . فالآن هلُمّ نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحشٌ رديءٌ أكله"(13)


ونقرأ في سفر التكوين أيضاً عن (تامار) كنّة يهوذا ابن يعقوب كيف خدعْت حميها واحتالت عليه. حيث ظهرت له في الطريق على أنّها زانية ليدخل عليها ويضجع معها لأنّه لم يزوّجها ابنه (شيله). علماً أنّها كانت زوجة لولديه تباعاً عيرا وأُونان وكلاهما توفيا وبقيت تامار أرملة تنتظر أن يتزوجها الابن الثالث لحميها وكان يدعى (شيله):"قالت يهوذا لتامار كنتَّه اقعدي أرملة في بيت أبيكِ حتى يكبرُ شيلة ابني لأنّه قال لعله يموتُ هو أيضاً كأخويه. فمضتْ تامار وقعدت في بيت أبيها"(14) .
عندما توفيتْ يهوذا، استغلّت كنَّته تامار ذلك وخطّطتْ لفعلتها السيئة حيث نقرأ: "فأخبرت تامارُ وقيل لها هوذا حموكِ صاعدٌ إلى تمنةَ ليجّز غنمه. فخلعتْ عنها ثياب ترمُّلها وتغطّتْ ببُرقع وتلفّفت وجلستْ في مدخل عينايم التي على طريق تمنة ، لأنّها رأت أنّشيلة قد كبُر وهي لمُ تعط له زوجةً فنظرها يهوذا وحسبها زانيةِ . لأنّها كانت قد غطّتْ وجهها . فمال إليها على الطريق وقال هاكي أدخُل عليك. لأنّه لم يعلم أنّها كنَّته. فقالتْ ماذا تعطيني لكي تدخل عليَّ. فقال ما الرَّهن الذي أعطيك. فقالت خاتُمكَ وعصابتُك وعصاك التي في يدكَ. فأعطاها ودخل عليها فحبلتْ منه ثم قامت ومضتْ وخلعت عنها بُرقعها ولبستْ ثياب ترمُّلها."(15)
وفي سفر الخروج نقرأ عن احتيال وخداع بني اسرائيل للمصريين وسلبهم فضتّهم وذهبهم وأمتعتهم بتوجيهات من موسى الناطق باسم يَهْوهَ:"وفعل بنو إسرائيل حسب قول موسى. طلبوا من المصريين أمتعة فضةٍ وأمتعة ذهبٍ وثياباً. وأعطى الرّبّ نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين(16) .
وأنا أطالب المصريين اليوم وغداً وبعد غد أن يسترّدوا ممتلكاتهم التي سُلبتْ احتيالاً وغدراً وأن يطالبوا بمحاكمة السارقين وإنزال العقوبات عليهم، مثلما يطالب اليهود حكام الكيان الصهيوني باستعادة (أرض إسرائيل) المزعومة لأنّها أرض أسلافهم. وباعتبار حدود التوراة هي الحدود الرئيسة للمملكة المزعومة وعلى التوراة الميثولوجية يستندون في ترجمة سلوكيتهم المادية.‏
أمّا في سفر القضاة فنقرأ عدّةُ حوادث غدر واحتيال وقتل بشع قام بها اليهود منها حادثة الغدر والخيانة التي قام بها رجلٌ بنياميّ يدعى إهود بن جيرا ويسمّيه كاتب السفر قاضياً.. أرسله يَهْوهَ أو كلّفه أن يقضي لإسرائيل ويخلّصها من أعدائها الموآبيين الذين ضربوا إسرائيل وامتلكوا مدينة النخل وشدّدوا عليهم حتى اضطروهم إلى عبادة ملك موآب (عجلون) ثماني عشرة سنة كما يروي كاتب السفر حتى صرخوا إلى الرّب يستغيثون فأرسل لهم مخلّصاً لينقذهم وكان هذا المخلّص (إهود بن جيرا) وهو رجل أعسر. فدّبر خطّة للغدر بملك موآب وقتله:"فعمل إهودَ لنفسه سيفاً ذا حدّين طوله ذراع وتقلّده تحت ثيابه على فخذه اليمنى وقدّم الهدّية لعجلون ملك موآب وكان عجلون رجلاً سميناً جداً. وكان لما انتهى من تقديم الهدية صرف القوم حاملي الهدّية وأمّا هو فرجع منعند المنحوتات التي لدى الجلجال وقال. لي كلام سرٍّ إليك أيّها الملك. فقال صه. وخرج من عنده جميع الواقفين لديه. فدخل إليه إهودَ وهو جالسٌ في علّية برودٍ وكانت له وحده. وقال إهودَ عندي كلام اللّه إليك فقام عن الكرسيّ فمدَّ إهودَ يده اليسرى وأخذ السّيف عن فخذه اليمنى وضربه في بطنه فدخل القائم أيضاً وراء النَّصل وطبق الشّحم وراء النّصل لأنّه لم يجذب السيّف من بطنه."(17)
ثم نقرأ أيضاً عن حادثة مقتل (سيرا) رئيس جيش مملكة حاصور على يد إمرأة تدعى (ياعيل) وهي امرأة حابر القيني.. وبيت حابر القيني كانوا في صلح مع (يابين) ملك حاصور. وحابر القيني من (قاين) من بني حوباب حمي موسى. وعندما حدث صراع بين حاصور وبني إسرائيل، انتصر الإسرائيلّيون حسب ما يزعم كاتب السفر فهرب قائد جيش حاصور (سيسرا) والتجأ إلى بيت حابر القيني نظراً لوجود عهد وصلح بينهما: "وأما سيسرا فهرب على رجليه إلى خيمة ياعيل امرأة حابر القيني لأنّه كان صلح بين يابين ملك حاصور وبيت حابر القيني. فخرجتْ ياعيل لاستقبال سيسرا وقالتْ له ملْ يا سيدي . ملْ إليّ لا تخفْ فمال إليها إلى الخيمة وغطّته باللحّاف. فقال لها اسقيني قليل ماءٍ لأنّي قد عطشتُ. ففتحتْ وطبَ اللبن وأسقته ثم غطّته. فقال لها قفي بباب الخيمة ويكون إذا جاء أحدٌ وسألك أهنا رجلٌ أنّك تقولين لا. فأخذتْ ياعيل إمرأة حابر وتَدَ الخيمة وجعلتْ الميتدة في يدها وقارَتْ إليه وضربت الوتد في صُدغه فنفذ إلى الأرض وهو متثقّل في النّوم ومتعبٌ فمات."(18)
في سفري صموئيل الأوّل والثاني نقرأ مزيداً من حوادث الغدر والخيانة والقتل نفذّها بنو إسرائيل فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين سكان كنعان من جهة أخرى.‏
كاتب السفر يروي هذه الأحداث بإسهاب، مرّجعاً إياها إلى رضى ورغبة ربّ الجنود يَهْوهَ، فنقرأ عن الصراع بين شاول ملك بني إسرائيل كما يسميه وداود، وكيف كان شاول يخطّط لاغتيال وتصفية داود لأنّه كان يغار منه ويحسده بينما صموئيل النبّي يخطّط لتصفية شاول والتخلّص منه وتسليم السلّطة لداود، ونظراً لأنّ شاول تجاوز صموئيل النبّي عدة مرات، وهذا أمرٌ لم يكن ليرضى به صموئيل فهو المرجعية الرئيسة دينياً ودنيوياً ولا يقبل أن يتصرّف شاول أي شيء دون الرجوع إليه واستشارته وأخذ موافقته لأن يهوه يريد ذلك كما يزعم.‏
لقد أراد شاول أن يتخلص من داود بأية وسيلة وأخذ يخطّط لهذا الأمر فتارة يدفع به إلى محاربة الفلسطينيين ليُقتل في المعركة. وتارة يخطّط لاغتياله سراً وتارة عبر تزويجه ابنته وهكذا.. أمضى شاول أيامه يبحث في الوسيلة التي تخلّصه من داود. "وقال شاول لداود هوذا ابنتي الكبيرة مَيْرةُ أُعطيكَ إياها امرأة. إنما كنْ لي ذا بأسٍ وحارب حروب الرّب. فإنّ شاول قال لا تكن يدي عليه بل لتكنْ عليه يدُ الفلسطينيين."(19) . ماتَ شاول وثلاثة من أولاده في حرب مع الفلسطينيين كما يرد في سفر صموئيل الأول ولم يبق من أولاده إلاّ (إيشبوشث). فجعله أَبنيرُ بنُ نيرَ) ملكاً على إسرائيل مكان أبيه. فقد كان أَبنير رئيس جيش شاول. أما بيت يهوذا فقد اتبعوا داود. واشتدت الحرب بين الطرفين على السلطة.‏
كانت لشاول سرية اسمها "صفة" بنت أية. وكان ابنير قائد الجيش يدخل إليها ويضطجع معها كما يروي كاتب السفر:"وكان في وقوع الحرب بين بيت شاول وبيتُ داود أنّ أَبنير تشدّد لأجل بيت شاول. وكانت لشاول سّرّية اسمها رصفةُ بنتُ أيّة. فقال إيشبوشث لأبنير لماذا دخلت إلى سرّية أبي. فاغتاظ أَبنير جداً من كلام إيشبوشث وقال ألعّلي رأس كلبٍ ليهوذا اليوم أصنع معروفاً مع بيت شاول أبيك مع إخوته ومع أصحابه ولم أسلمّك ليد داود وتطالبني اليوم بإثم المرأة."(20) .
قرّر أَبنير التخلي عن إيشبوشث بن شاول وينضّم إلى داود استنكاراً فراسلَ داود واتفق معه على المصالحة وتسليمه السلطة على جميع إسرائيل ويهوذا فوراً، وقد وافق داود لكنه اشترط على أبنير أن يأتي له بامرأته ميكال بنت شاول التي فرض عليها والدها التخّلي عن داود والزواج من رجل آخر يدعى (فلطئيل بن لايش). وقد تمّ له الأمر حيث نقرأ:"فأرسل داود رُسلاً إلى إيشبوشث بن شارل يقول أعطني امرأتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمائة غُلْفَةٍ من الفلسطينيين فأرسل ايشبوشث وأخذها من عند رجلها من فلطئيل بن لايش وكان رجلها يسير معها ويبكي وراءها إلى يحوريم. فقال له أَبنير إذهب ارجعْ.. فرجعْ."(21)
لقد غدر أَبنير بن نير بأيشبوشث وتخلّى عنه لصالح داود، لكنّه لم يهنأ بهذا الغدر.. وانقلبت خيانته عليه. حيث نقرأ:"فجاء أبنير إلى داود إلى حبرون ومعه عشرون رجلاً. فصنع داود لأبنير وللرّجال الذين معه وليمة وقال أبنير لداود أقوم وأذهب وأجمع إلى سيدي الملك جميع إسرائيل فيقطعون معك عهداً وتملكُ حسب كلّ ما تشتهي نفسكَ. فأرسل داود أبنير فذهب بسلام"(22) .
غير أنّ (يوآب) أحد قوّاد داود استنكر هذا الأمر ورأى ضرورة قتل أَبنير. لأنّه قتل أخاه (عسائيل). فترك الأمر سراً ولم يخبر داود وقرّر اغتيال أبنير بخدعةٍ وغدرٍ. حيث نقرأ: "ثم خرج يوآب من عند داود وأرسل رسلاً وراء أَبنير فردوه من بئر السيرة ،وداود لا يعلمُ. ولمّا رجع أَبنير إلى حبرون مال به يوآب إلى وسط الباب ليكلّمه سراً وضربه هناك في بطنه فمات بدم عسائيل أخيه."(23)
إنّ حادثة اغتيال أبنير غدراً وخيانة تركت صدى كبيراً وخاصة لدى ابن شاول (إيشبوشث) الذي تعرّض بعد وفاة أبنير لحادثة اغتيال أيضاً من قبل قائدين يعملان عنده.. فقد قتلوه غدراً حيث نقرأ:"ولمّا سمع ابن شاول أنّ أَبنير قد مات في حبرون ارتخت يده وارتاح جميع إسرائيل. وكان لابن شاول رجلان رئيسا غزاةٍ اسم الواحد بعنة واسم الآخر ركاب ابنا رمّون البئيروتيّ من بني بنيامين"(24) .
"وسار ابنا رمون البئيروتي ركاب وبعنة ودخلا عند حرّ النهار إلى بيت ايشبوشث وهو نائمٌ نومة الظهيرة. فدخلاً إلى وسط البيت ليأخذا حنطة وضرباه في بطنه ثم أفلت ركاب وبعنة أخوه. فعند دخولهما البيت كان هو مضطجعاً على سريره في مخدع نومه فضرباه وقتلاهُ وقطعا رأسه"(25) .
ثم نقرأ عن حادثة اغتيال غدراً قام بها داود ضدّ قائده أوريا الحثّي ليأخذ زوجته:"وكان في وقت المساء أنّ داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً فأرسل داود رسائل عن المرأةفقال واحد أليست هذه بتشبع بنت أليعام إمرأة أورّيا الحثي فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها ثمّ رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة. فأرسلت وأخبرت داود وقالت إنّي حُبلى فأرسل داود إلى يوآب يقول أرسل لي أورّياالحثي فأرسل يوآب أوريا إلى داود فأتى أورّيا إليه. فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب وقال داود لأوريا انزل إلى بيتك واغسل رجليك. فخرج أورّيا من بيت الملن وخرجت وراءه حصّة من عند الملك ونام أورّيا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيدّه ولم ينزل إلى بيته. فأخبروا داود قائلين لم ينزل أورّيا إلى بيته. فقال داود لأورّيا أما جئت من السّفر فلماذا لم تنزلْ إلى بيتك. فقال أورّيا لداود إنّ التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجهالصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع إمرأتي. وحياتك وحياة نفسك لاأفعل هذا الأمر."(26)
إنّ هذا الموقف النبيل والشجاع من أورّيا الحثّي، يعبرّ تماماً عن التزام واحترام أبناء حثّ للعمل مهما كان نوعه. وعن وفائهم وإنسانيتهم وشجاعتهم. فأوريّا الحثّي لم يكن يهودياً ، كان من بني حثّ.. ومع هذا فقد كان محارباً شجاعاً ووفيّاً لرفاقه اليهود، فلم يرّضَ أن ينعم مع امرأته ورفاقه يحاربون في الصحراء.. فكان مثال الإنسان الملتزم الخلوق الذي يتصّف بالإنفتاح والتسامح والوفاء. ولم يكن ليدري أنّ داود غدر به واضطجع مع امرأته ويخطّط لاغتياله والغدر به أيضاً. فقد كان حسن النّية وفضّل النوم على باب بيت الملك بدلاً من بيته ، ولكنّ دواد لم يرق له الأمر فنقرأ:"وفي الصباح كتب داود إلى يوآب مكتوباً وأرسله بيد أوريّا . وكتب في المكتوب يقول اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت."(27)
حمل أوريّا الحثّي رسالة موته غدراً.. ونجح مخطّط داود في التخلّص من أوريّا الحثّي ليسلبه زوجته الجميلة. ومات أوريّا حيث نقرأ:"وكان في محاصرة يوآب المدينة أنّه جعل أوريّا في الموضع الذي علم أنّ رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات أوريّا الحثّي أيضاً."(28)
"فلّما سمعت امرأة أوريّا أنّه قد مات رجلها ندبت بعلها ولما مضت المناحة أرسل داود وضمّها إلى بيته وصارتْ له امرأة وولدت له ابناً ".(29)
ويحدّثنا كاتب سفر صموئيل الثاني أيضاً عن حادثةٍ بشعة قام بها (أمنون) بن داود بدعم وتخطّيط من عمّه شقيق والده (يوناداب). فقد احتال أمنون على أخته (تامار) واستدرجها إلى مخدعه واضطجع معها حيث نقرأ :"وكان لأمنون صاحبٌ اسمه يوناداب بنُ شمعي أخي داود. وكان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. فقال له أمنون إنّي أحبُّ تامار أُختَ أبشالوم أخي. فقال يونادابُ اضطجع على سريرك وتمارض . إذا جاء أبوك ليراك فقلْ له دع تامار أُختي فتأتي وتطعمني خبزاً وتعمل أمامي الطعام لأرى فآكل من يدها."(30)
نجح مخطّط يوناداب، ووافق داود على إرسال ابنته تامار لتخدم أخيها أمنون فاستغل أمنون وجودها وتمكن منها واضطجع معها، ثم طردها. حيث نقرأ:"فلم يشأ أن يسمع لصوتها بل تمكنّ منها وقهرها واضطجع معها."(31)
لكنّ أبشالوم ابن داود شقيق أمنون وتامار الذي استنكر فعلة أخيه أمنون، ضمر الشرّ له، وقرّر وضع خطة للغدر به واغتياله انتقاماً لأخته تامار.. فتامار كانت أخت أمنون من أبيه داود.‏ بعد سنتين حسب ما يروي كاتب السفر قرّر أبشالوم الانتقام من أخيه أمنون.. فخطّط لإقامة وليمة يدعو إليها والده وإخوته ومنهم أمنون حيث نقرأ:"وكان بعد سنتين من الزمان أنّه كان لأبشالوم جزّازون في بعل حاصور التي عند أفرايم فدعا أبشالوم جميع بني الملك. وجاء أبشالوم إلى الملك وقال هوذا لعبدك جزّازون, فليذهب الملك وعبيده مع عبدك. فقال الملك لأبشالوم. لا يا بني لا نذهب كلّنا لئلاّ نثقل عليك، فألحّ عليه فلم يشأ أن يذهب بلْ باركه. فقال أبشالوم إذاً دعْ أخي أمنون يذهب معنا. فقال الملك لماذا يذهُب معك. فألحّ عليه أبشالوم فأرسل معه أمنون وجميع بني الملك. فأوصى أبشالوم غلمانهُ قائلاً انظروا متى طاب قلبُ أمنون بالخمر وقلتُ لكم اضربوا أمنون فاقتلوه. لا تخافوا أليس أنّي أنا أمرتكم. فتشدّدوا وكونوا ذوي بأس. ففعل غلمانُ أبشالوم بأمنون كما أمر أبشالوم "(32)
كما نقرأ في سفر صموئيل أيضاً عدة حالات غدرٍ واحتيال حدثتْ خلال الصراع بين أبشالوم وأبيه داود أهمّها الغدر بأبشالوم وقتله من قبل قائد جيش داود يوآب بن صرويه.‏ كان داود قد أوصى قواده وجنوده بعدم التعرّض لابنه أبشالوم وطالبهم بالحفاظ على سلامته، غير أنّ يوآب بن صروية نكثَ بهذا الطلب وخان ملكه داود وغدر بأبشالوم وقتله كما يردُ في النصّ التوراتي حيث نقرأ: "وصادف أبشالومُ عبيد داود وكان أبشالومُ راكباً على بغلٍ فدخل البغلُ تحت أغصان البُطمة العظيمة الملتفة. فتعلّق رأسهُ بالبطمةوعُلّق بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مرّ. فرآه رجلٌ وأخبر يوآب وقال إنّي قد رأيت أبشالوم معلّقاً بالبطمة. فقال يوآب للرّجل الذي أخبره إنّك قد رأيته فلماذا لم تضربه هناك إلى الأرض وعليّ أنْ أعطيك عشرة من الفضّة ومنطقةً. فقال الرّجل ليوآب فلو وُزنَ في يدي ألفٌ من الفضّة لما كنتُ أمدّ يدي إلى ابن الملك لأنّ الملك أوصاك في آذاننا أنتَ وأبيشاي وإتّاي قائلاً احترزوا أياً كان منكم على الفتى أبشالوم".(33)
"فقال يوآب إنّي لا أصبرُ هكذا أمامك. فأخذ ثلاثة سهامٍ بيد ونشبّها في قلب أبشالوم وهو بعدُ حيٌّ في قلب البطمة. وأحاط بها عشرة غلمانٍ حاملو سلاح يوآب وضربوا أبشالوم وأماتوه."(34) .
وفي سفر الملوك الأول يروي كاتبه عدّة عمليات اغتيال وتصفية قام بها الملك سليمان بن داود ضدّ عدد من قواد أبيه ومعاونيه، ومن بينهم شقيقه الأكبر (أدّونيا بن حُجّيت). فنقرأ: "والآن حيّ هو الرّبّ الذي ثبّتني وأجلسني على كرسّي داود أبي والذي صنع ليبيتاً إنّه اليوم يقتلُ أدوينّا. فأرسل الملك سليمان بيد بنايا هو بن يهوياداع فبطش به فمات."(35)
ونقرأ في الإصحاح الواحد والعشرين من نفس السفر عن جريمة قتل استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة بطريقة بشعة جداً خطّطت لها (إيزبيل) امرأة ملك إسرائيل (آخاب) ضد رجل آمن يدعى (نابوت اليزرعيلي):‏ "وحدث بعد هذه الأمور أنّه كان لنابوت اليزرعيلي كرمٌ في يزرعيل بجانب قصر آخاب ملك السامرة. فكلم آخاب نابوت قائلاً أعطني كرمكَ فيكون لي بستان بقولٍ لأنه قريب بجانب بيتي فأعطيك عوضه كرماً أحسن منه وإذا حسن في عينيك أعطيتك ثمنه فضةً. فقال نابوتُ لآخاب حاشى لي من قبل الرّب أن أعطيك ميراث آبائي." (36).
انزعج آخاب جداً من هذا الرّد.. واكتأب وجهه. فدخلت إليه امرأته مهدئة وواعدةً بحلّ القضية بسهولة قائلة لآخاب: "أأنت الآن تحكم على إسرائيل. قمْ كلْ خبزاً وليطبْ قلبك. أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعيلي. ثم كتبتْ رسائل باسم آخاب وختمتها بخاتمهوأرسلتْ الرسائل إلى الشيّوخ والأشراف الذين في مدينته الساكنين مع نابوت. وكتبت في الرسائل تقول. نادوا بصومٍ وأجلسوا نابوت في رأس الشّعب. وأَجلسوا رجلين من بني بلّيعال تجاههُ ليشهدوا قائلين قد جدّفتَ على الله وعلى الملك. ثم أخرجوه وارجموهفيموت ."(37)
نجح مخطّط إيزابيل بشكل جيد كما رسمته. فتمتْ تصفية نابوت اليزرعيلي غدراً وخيانة وغشاً واستولى آخاب على البستان الذي كان لنابوت حيث نقرأ: "ولمّا سمعت إيزابيل أنّ نابوت قد رُجمَ ومات قالتْ إيزابيل لآخاب قمْ رثْ كرمَ نابوت اليزرعيلي الذي أبى أن يعطيك إيّاه بفّضةٍ لأنّ نابوت ليس حيّاً بلْ هو ميتٌ. ولمّا سمع آخاب أنّ نابوت قد مات قام آخاب لينزل إلى كرم نابوت اليزرعيلي ليرثُه."(38)
إنّ مقتل نابوت اليزرعيلي كان سبباً في التخطّيط لعدّة عمليات قتل واغتيال استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة أيضاً. فبعد وفاة الملك آخاب تسلّم ابنه (يورام) السلطة. غير أنّ أليشع النبي أخذ يخطّط لإغتيال يورام والثأر لنابوت اليزرعيلي بالتعاون مع قائدالجيش (يهوبن يهوشافاط) فاستغلاّ الصراع الذي كان قائماً فيما بين الآراميين وبني إسرائيل، حيث كان يورام ملك إسرائيل وأخزيا بن يهورام ملك يهوذا يقاتلان معاً الآراميين في منطقة (راموت جلعاد) وهناك جرح يورام في المعركة فرجع ليبرأ في يزرعيل من الجروح التي جرحه بها الآراميون في راموت . وكان ملك يهوذا قد نزل ليرى يورام بن آخاب في يزرعيل ويطمئن على وضعه.‏ إلى يزرعيل وصل قائد الجيش المتآمر ياهو بن يهوشافاط وعدد من المسّلحين بغية اغتيال يورام فالتقيا في بستان نابوت اليزرعيلي حيث نقرأ:"فلمّا رأى يهورام ياهو قال أسلامٌ يا ياهو. فقال أيُّّ سلامٍ ما دام زنا إيزابيل أُمّكَ وسحرها الكثيرُ . فردّ يهورام يديه وهربَ وقال لأخزيا خيانةً يا أخزيا. فقبض ياهو بيده القوس وضربَ يهورام بين ذراعيه فخرج السهم من قلبه فسقط في مركبته"(39)
"فجاء ياهو إلى يزرعيل. ولمّا سمعتْ إيزابيلُ كحّلتْ بالأُثمد عينيها وزيّنتْ رأسها وتطلّعت من كوةٍ. وعند دخول ياهو الباب قالتْ أسلامٌ لزمري قاتلِ سيّده. فرفع وجهه نحو الكوّة وقال منْ معي. منْ فأشرف عليه اثنان أو ثلاثةٌ من الخصيان. فقال اطرحوها. فطرحوها فسال من دمها على الحائط وعلى الخيل فداسها ودخلَ وأكلَ وشربَ ثم قال افتقدوا هذه الملعونة وادفنوها لأنّها بنتُ ملك "(40)
ولم يكتف ياهو بهذه الجرائم والاغتيالات.. فقد قرّر اغتيال جميع أبناء آخاب بن عمري بعد أنْ قتل ابنه يورام الملك. وكان عدد أبناء آخاب سبعون ولداً. ويعيشون في السّامرة تحت إشراف مُرّبين هناك. فأرسل ياهو إلى هؤلاء المُرّبين رسائل طالبهم فيها بقتلجميع أبناء آخاب الأولاد والشبّان وقطع رؤوسهم وإرسالهم إليه . حيث نقرأ:"فكتب إليهم رسالة ثانية قائلاً إنْ كنتم لي وسمعتم لقولي فخذوا رؤوس الرّجال بني سيدكم وتعالوا إليّ في نحو هذا الوقت غداً إلى يزرعيل. وبنو الملك سبعون رجلاً كانوا مععظماء المدينة الذين ربّوهم. فلّما وصلت الرسالة إليهم أخذوا بني الملك وقتلوا سبعين رجلاً ووضعوا رؤسهمُ في سلالٍ وأرسلوها إليه إلى يزرعيل."(41)
ثم تابع ياهو جرائمه وغدره واغتيالاته كما يرد في السفر: "وقتل ياهو كلّ الذين بقوا لبيت آخاب في يزرعيل وكلّ عظمائه ومعارفه وكهنته حتى لم يبقِِ له شارداً. ثم قام وجاء إلى السّامرة. وإذا كان عند بيت عقد الرّعاة في الطريق صادف ياهو إخوة أخزْيا ملك يهوذا. فقال من أنتم فقالوا نحن إخوةُ أخزيا ونحن نازلون لنُسّلم على بني الملك وبني الملكة. فقال امسكوهم أحياءً. فأمسكوهُم أحياءً وقتلوهم عند بئر بيت عْقدٍ اثنين وأربعين رجلاً لم يبق منهم أحد."(42)
أيضاً لم يكتفِ ياهو بما اقترفه من جرائم باسم رب الجنود يَهْوه، فقد صبّ جام غضبه على سكان كنعان وكهنتهم بعد أن خطّط لهذا الأمر تخطّيطاً محكماً استخدم فيه الحيلة والخدعة ثم الغدر والقتل.‏ لقد اتصّف الكنعانيون بالروح المتسامحة والانفتاح والمساواة بين جميع الشعوب والأديان، فلم يتعرضوا لمعتقدات الآخرين . ولا لكهنتهم، ولم يفرضوا ديانتهم على أحد وقد عاش اليهود بين ظهرانيهم ومارسوا شعائرهم الخاصّة بهم، ولا نقرأ أنّ كنعانياً اعتدى على كهنة يَهْوهَ ..‏ غير أنّ ياهوشافاط وبدافع من عنصريته وحقده وغدره لم يرع هذا الأمر.. وكان مثالاً لليهودي الحاقد الذي ينتظر الفرصة الملائمة للانقضاض على الأغيار الأبرياء وقتلهم بقسوة ووحشية. فلّما قتل جميع أبناء آخاب وأصحابه ومعارفه ومن يمَّت له بصلة. التفت إلى كهنة الكنعانيين مستخدماً حيلةً للغدر بهم وقتلهم كما يروي كاتب السفر حيث نقرأ: "ثم جمع ياهو كلّ الشعب وقال لهم. إنّ آخاب قد عبد البعل قليلاً وأما ياهو فإنّه يعبده كثيراً. والآن فادعوا إليّ جميع أنبياء البعل وكلّ عابديه وكلّ كهنته. لايُفقد أحدٌ لأنّ لي ذبيحة عظيمة للبعل. كلّ من فقد لا يعيش. وقد فعل ياهو بمكر لكي يفني عبدة البعل. وقال ياهو قدسوا اعتكافاً للبعل. فنادوا به وأرسل ياهو في كلّ إسرائيل فأتى جميع عبدة البعل ولم يبق أحدٌ إلاّ أتى ودخلوا بيت البعل فامتلأ بيتُ البعل من جانب إلى جانبٍ. فقال للذي على الملابس أَخرج ملابس لكل عبدة البعل. فأخرج لهم ملابسَ . ودخل ياهو ويهوناداب بنُ ركاب بيت البعل. فقال لعبدة البعل فتشوا وانظروا لئلا يكون معكم هاهنا أحدٌ من عبيد الرّبّ ولكنّ عبدة البعل وحدهم . ودخلوا ليقّربوا ذبائح ومحرقاتٍ. وأما ياهو فأقام خارجاً ثمانين رجلاً وقال. الرجل الذي ينجو من الرجال الذين أتيتُ بهم إلى أيديكم تكون أنفسكم بدلَ نفسه. ولمّا انتهوا من تقريب المُحرقة قال ياهو للسُّعاة والثّوالث أدخلوا اضربوهم .لا يخرج أحدٌ . فضربوهم بحدّ السيف وطرحهم السّعاة والثّوالث وساروا إلى مدينة بيت البعل." (43)
ويروي كاتب سفر الملوك الثاني عن جريمة بشعةٍ جداً اقترفتها (عثليا) والدة ملك يهوذا (أخزيا) الذي قتله ياهو يهوشافاط بعد أنْ غدر بملك إسرائيل يورام بن آخاب وقتله . فنقرأ: "فلمّا رأت عَثليا أُمّ أخزيا أنّ ابنها قد مات قامت فأبادت جميع النسل الملكي."(44)
طبعاً لم ينج من هذه المذبحة البشعة إلاّ طفل رضيع يدعى (يوآش بن أخزيا) سرقته عمّته وخبأته عند (يهوياداع) في بيت الرّبّ وبقي فيه ست سنوات إلى أن أخرجه الكاهن( يهوياداع) وألبسه تاج الملك وأعطاه الشهادة وملكّه ومسحه ملكاً بدلاً من عثليابالاتفاق مع عددٍ من قادة الجيش المتنفذين وكان يهوياداع الكاهن قد وضع خطة لاغتيال عثليا، وقد نجح في تنفيذ الإغتيال كما يرد في النص التوراتي .(45) .
ثم تعرّض يوآش هذا إلى مؤامرة استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة وتمّ فيها اغتياله وقتله كما يرد في سفر الملوك الثاني: "وقام عبيدهُ وفتنوا فتنةً وقتلوا يوآش في بيت القلعة حيث ينزل إلى سلّى . لأنّ يوزاكار بن شمعة ويهوزاباد بن شومير عبديه ضرباهُفمات. فدفنوه مع آبائه في مدينة داود وملك أمصْيا ابنه عوضاً عنه.". (46)
وتستمرُّ عمليات الغدر والخيانة والاغتيالات في مملكتي يهوذا و إسرائيل على السّواء . فنقرأ عن فتنة في إسرائيل ضدّ زكريا بن يربعام ملك إسرائيل قام بها (شلُّوم بن يابيش) بتكليف من ربِّ الجنود يهوهَ كما يرد في النّص التوراتي حيث نقرأ: "ففتنَ عليه شلُّوم بن يابيش وضربه أمام الشّعب فقتله وملك عوضاً عنه"(47) .
لكنّه لم يهنأ كثيراً . فقد أُحيكت مؤامرة ضّده وتم اغتياله من قبل رجلٍ يدعى (منحيم بن جادي) فنقرأ: "وصعد منحيم بن جادي من ترصة وجاء إلى السامرة وضرب شلّوم بن يابيش في السّامرة فقتله وملك عوضاً عنه."(48)
وعندما توفيّ مناحيم تسلّم ابنه (فقحيْا) السلطة، لكنّه تعرض لخيانة واغتيال أيضاً: "ففتن عليه فقحُ بن رمليا ثالثه وضربه في السّامرة في قصر بيت الملك مع أرجوبَ ومع أرْبَةَ ومعه خمسون رجلاً من بني الجلعاديين. قتله وملك عوضاً عنه.".(49)
وكان مصير فقح بن رمليْا كمصير سلفه.. فقد تعرض هو الآخر لخيانة وغدر أودى بحياته فنقرأ: "وفَتن هو شعُ بنُ أَيْلةَ على فقح بن رمَليْا وضربه فقتله وملك عوضاً عنه".(50)